الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الخِطط المقريزية المسمى بـ «المواعظ والاعتبار بذكر الخِطط والآثار» **
ومواضع نزههم ما كان لهم فيها من أمور جميلة. وكان للخلفاء الفاطميين: مناظر كثيرة بالقاهرة ومصر والروضة والقرافة وبركة الحبش وظواهر القاهرة وكانت لهم عدة منتزهات أيضًا فمن مناظرهم التي بالقاهرة: منظرة الجامع الأزهر ومنظرة اللؤلؤة على الخليج ومنظرة الدكة ومنظرة المقس ومنظرة باب الفتوح ومنظرة البعل ومنظرة التاج والخمس وجوه ومنظرة الصناعة بمصر ودار الملك ومنازل العز والهودج بالروضة ومنظرة بركة الحبش والأندلس بالقرافة وقبة الهواء ومنظرة السكرة وكان من منتزهاتهم كسر خليج أبي المنجا وقصر الورد بالخرقانية وبركة الجب. منظرة الجامع الأزهر: وكان بجوار الجامع الأزهر من قبليه: منظرة تشرف على الجامع الأزهر يجلس الخليفة فيها لمشاهدة ليالي الوقود. ذكر ليالي الوقود: قال المسبحي في حوادث شهر رجب من سنة ثمانين وثلثمائة: وفيه خرج الناس في لياليه على رسمهم في ليالي الجمع وليلة النصف إلى جامع القاهرة يعني الجامع الأزهر عوضًا عن القرافة وزيد فيه في الوقيد على حافات الجامع وحول صحنه التنانير والقناديل والشمع على الرسم في كل سنة والأطعمة والحلوى والبخور في مجامر الذهب والفضة وطيف بها وحضر القاضي محمد بن النعمان في ليلة النصف بالمقصورة ومعه شهوده ووجوه البلد وقدمت إليه سلال الحلوى والطعام وجلس بين يديه القراء وغيرهم والمنشدون والناحة وأقام إلى نصف الليل وانصرف إلى داره بعد أن قدم إلى من معه أطعمة من عنده وبخرهم. وقال في شعبان وكان الناس في كل ليلة جمعة وليلة النصف على مثل ما كانوا عليه في رجب وأزيد وفي ليلة النصف من شعبان: كان الناس جمع عظيم بجامع القاهرة من الفقهاء والقراء والمنشدين وحضر القاضي محمد بن النعمان في جميع شهوده ووجوه البلد ووقدت التنانير والمصابيح على سطح الجامع ودور صحنه ووضع الشمع على المقصورة وفي مجالس العلماء وحمل إليهم العزيز بالله بالأطعمة والحلوى والبخور فكان جمعًا عظيمًا. قال: وفي شهر رجب سنة اثنتين وأربعمائة: قطع الرسم الجاري من الخبز والحلوى الذي يقام في هذه الثلاثة الأشهر لمن يبيت بجامع القاهرة في ليالي الجمع والأنصاف وحضر قاضي القضاة مالك بن سعيد الفارقي إلى جامع القاهرة ليلة النصف من رجب واجتمع الناس بالقرافة على ما جرت به رسومهم من كثرة اللعب والمزاح. روى الفاكهي في كتاب مكة: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يصيح في أهل مكة ويقول: يا أهل مكة أوقدوا ليلة هلال المحرم فأوضحوا فجاجكم لحاج بيت الله واحرسوهم ليلة هلال المحرم حتى يصبحوا وكان الأمر على ذلك بمكة في هذه الليلة حتى كانت ولاية عبد الله بن محمد بن داود على مكة فأمر الناس أن يوقدوا ليلة هلال رجب فيحرسوا عمار أهل اليمن ففعلوا ذلك في ولايته ثم تركوه بعد. وفي ليلة النصف من رجب سنة خمس عشرة وأربعمائة: حضر الخليفة الظاهر لإعزاز دين الله أبو هاشم علي بن الحاكم بأمر الله ومعه السيدات وخدم الخاصة وغيرهم وسائر العامة والرعايا فجلس الخليفة في المنظرة وكان في ليلة شعبان أيضًا اجتماع لم يشهد مثله من أيام العزيز بالله وأوقدت المساجد كلها أحسن وقيد وكان مشهدًا عظيمًا بعد عهد الناس بمثله لأن الحاكم بأمر الله كان أبطل ذلك فانقطع عمله. وقال ابن المأمون: ولما كانت ليلة مستهل رجب يعني من سنة ست عشرة وخمسمائة عملت الأسمطة الجاري بها العادة وجلس الخليفة الآمر بأحكام الله عليها والأجل المأمون الوزير ومن جرت عادته بين يديه وأظهر الخليفة من المسرة والانشراح ما لم تجريه عادته وبالغ في شكره وزيره وإطرائه وقال: قد أعدت لدولتي بهجتها وجددت فيها من المحاسن ما لم يكن وقد أخذت الأيام نصيبها من ذلك وبقيت الليالي وقد كان بها مواسم قد زال حكمها وكان فيها توسعة وبر ونفقات وهي ليالي الوقود الأربع وقد آن وقتهن فأشتهي نظرهن فامتثل الأمر وتقدم بأن يحمل إلى القاضي خمسون دينارًا يصرفها في ثمن الشمع. وأن يعتمد الركوب في الأربع الليالي وهي: ليلة مستهل رجب وليلة نصفه وليلة مستهل شعبان وليلة نصفه وأن يتقدم إلى جميع الشهود بأن يركبوا صحبته وأن يطلق للجوامع والمساجد توسعة في الزيت برسم الوقود ويتقدم إلى متولي بيت المال بأن يهتم برسم هذه الليالي من أصناف الحلاوات مما يجب برسم القصور ودار الوزارة خاصة. وقال في سنة سبع عشرة وخمسمائة: وفي الليلة التي صبيحتها مستهل رجب حضر القاضي أبو الحجاب يوسف بن أيوب المغربي ووقع له بما استجد إطلاقه في العام الماضي وهو خمسون دينارًا من بيت المال لابتياع الشمع برسم أول ليلة من رجب واستدعى ما هو برسم التعبيتين إحداهما: للمقصورة والأخرى: للدار المأمونية بحكم الصيام من مستهل رجب إلى سلخ رمضان ما يصنع في دار الفطرة خشكنانج صغير وبسندود في كل يوم قنطار سكر ومثقالان مسكًا ودينارًا مؤنة. وكان يطلق في أربع ليالي الوقود برسم الجوامع الستة: الأزهر والأقمر والأنور بالقاهرة والطولوني والعتيق بمصر وجامع القرافة والمشاهد التي تضمنت الأعضاء الشريفة وبعض المساجد التي لأربابها وجاهة جملة كبيرة من الزيت الطيب ويختص بجامع راشدة وجامع ساحل الغلة بمصر والجامع بالمقس يسير قال: ولقد حدثني القاضي المكين بن حيدرة وهو من أعيان الشهود أن من جملة الخدم التي كانت بيده مشارفة الجامع العتيق وأن القومة بأجمعهم كانوا يجتمعون قبل ليلة الوقود بمدة إلى أن يكملوا ثمانية عشر ألف فتيلة وأن المطلق برسمه خاصة في كل ليلة برسم وقوده: أحد عشر قنطارًا ونصف قنطار زيت طيب. وذكر ركوب القاضي والشهود في الليلة المذكورة على جاري العادة. قال: وتوجه الوزير المأمون يوم الجمعة ثاني الشهر بموكبه إلى مشهد السيدة نفيسة وما بعده من المشاهد ثم إلى جامع القرافة وبعده إلى الجامع العتيق بمصر وقد عم معروفه جميع الضعفاء وقومة المساجد والمشاهد وصلى الجمعة وعند انقضاء الصلاة أحضر إليه الشريف الخطيب المصحف الذي بخط أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فوقع بإطلاق ألف دينار من ماله وأن يصاغ عليه فوق حلية الفضة حلية ذهب وكتب عليه اسمه وفي الخامس عشر من الشهر المذكور ليلة الوقود جرى الحال في ركوب القاضي وشهوده على الترتيب الذي تقدم في أول الشهر ولما وصل إلى الجامع وجده قد عبئ في الرواق الذي عن يمين الخارج منه سماط كعك وخشكنانج وحلوى فجلس عليه بشهود ونهبه الفقراء والمساكين وتوجه بعده إلى ما سواه من جامع القرافة وغيره فوجد في رواق الجامع المذكور سماطًا مثل السماط المذكور فاعتمد فيه على ما ذكره وله أيضًا رسم صدقة في هذا النصف للفقراء وأهل الربط مما يفرقه القاضي عشرة دنانير يفرقها القاضي. وقال ابن الطوير: إذا مضى النص ف من جمادى الآخرة وكان عدده عندهم تسعة وعشرين يومًا أمر أن يسبك في خزائن دار أفتكين: ستون شمعة وزن كل شمعة منها: سدس قنطار بالمصري وحملت إلى دار قاضي القضاة لركوب ليلة مستهل رجب فإذا كان بعد صلاة العصر من ذلك اليوم اهتم الشهود أيضًا فمنهم من يركب بثلاث شمعات إلى اثنتين إلى واحدة ويمضي أهل مصر منهم إلى القاهرة فيصلون المغرب في الجوامع والمساجد ثم ينتظرون ركوب القاضي فيركب من داره بهيئته وأمامه الشمع المحمول إليه موقودًا مع المندوبين لذلك من الفراشين من الطبقة السفلى من كل جانب: ثلاثون شمعة وبينهما المؤذنون بالجوامع يذكروه الله تعالى ويدعون للخليفة والوزير بترتيب مقدر محفوظ ويندب في حجبته: ثلاثة من نواب الباب وعشرة من الحجاب خارجًا عن حجاب الحكم المستقرين وعدتهم: خمسة في زي الأمراء وفي ركابه القراء يطربون بالقراءة والشهود وراءه على الترتيب في جلوسهم بمجلس الحكم الأقدم فالأقدم وحوالي كل واحد ما له من شمع فيشقون من أول شارع فيه دار القاضي إلى بين القصرين وقد اجتمع من العالم في وقت جوازهم ما لا يحصى كثرة رجالًا ونساءً وصبيانًا بحيث لا يعرف الرئيس من المرؤوس وهو مار إلى أن يأتي هو والشهود باب الزمرذ من أبواب القصر في الرحبة الوسيعة تحت المنظرة العالية في السعة العظيمة من الرحبة المذكورة وهي التي تقابل درب قراصيا فيحضر صاحب الباب ووالي القاهرة والقراء والخطباء كما شرحنا في المواليد الستة ويترجلون تحتها ريثما يجلس الخليفة فيها وبين يديه شمع ويبين شخصه ويحضر بين يديه الخطباء الثلاثة ويخطبون كالمواليد ويذكرون استهلال رجب وأن هذا الركوب علامته. ثم يسلم الأستاذ من الطاقة الأخرى استفتاحًا وانصرافًا كما ذكرنا ثم يركب الناس إلى دار الوزارة فيدخل القاضي والشهود إلى الوزير فيجلس لهم في مجلس ويسلمون عليه ويخطب الخطباء أيضًا بأخف من مقام الخليفة ويدعون له ويخرجون عنه فيشق القاضي والجماعة القاهرة وينزل على باب كل جامع بها ويصلي ركعتين ثم يخرج من باب زويلة طالبًا مصر بغير نظام ووالي القاهرة في خدمته اليوم مستكثرًا من الأعوان والحفظة في الطرقات إلى جامع ابن طولون فيدخل القاضي إليه للصلاة فيجد والي مصر عنده للقاء القوم وخدمتهم فيدخل المشاهد التي في طريقه أيضًا فإذا وصل إلى باب مصر ترتب كما ترتب في القاهرة وسار شاقًا الشارع الأعظم إلى باب الجامع من الزيادة التي يحكم فيها فيوقد له التنور الفضة الذي كان معلقًا فيه وكان مليحًا في شكله وتعليقه غير منافر في الطول والعرض واسع التدوير فيه عشر مناطق في كل منطقة: مائة وعشرون بزاقة وفيه سروات بارزة مثل النخيل في كل واحدة عدة بزاقات تقرب عدة ذلك من ثلثمائة ومعلق بدائر سفله: مائة قنديل نجومية ويخرج له الحاكم فإن كان ساكنًا بمصر استقر بها وإن كان ساكنًا بالقاهرة وقف له والي القاهرة بجامع ابن طولون فيودعه والي مصر ويسير معه والي القاهرة إلى داره فإذا مضى من رجب أربعة عشر يومًا: ركب ليلة الخامس عشر كذلك وفيه زيارة طلوعه بعد صلاته بجامع مصر إلى القرافة ليصلي في جامعها والناس يجتمعون له لينظروه ومن معه في كل مكان ولا يملون من ذلك فإذا انقضت هذه الليلة: استدعى منه الشمع ليكمل بعضه حتى يركب به في أول شعبان ونصفه على الهيئة المذكورة والأسواق المعمورة بالحلواء ويتفرغ الناس لذلك هذه الأربع الليالي. منظرة اللؤلؤة: وكان للخلفاء الفاطميين منظرة تعرف: بقصر اللؤلؤة وبمنظرة اللؤلؤة على الخليج بالقرب من باب القنطرة وكان قصرًا من أحسن القصور وأعظمها زخرفة وهو أحد منتزهات الدنيا المذكورة فإنه كان يشرف من شرقيه على البستان الكافوري ويطل من غربيه على الخليج وكان غربي الخليج إذ ذاك ليس فيه من المباني شيء وإنما كان فيه بساتين عظيمة وبركة تعرف ببطن البقرة فيرى الجالس في قصر اللؤلؤة جميع أرض الطبالة وسائر أرض اللوق وما هو من قبليها ويرى بحر النيل من وراء البساتين. قال ابن ميسر: هذه المنظرة بناها العزيز بالله ولما ولي برجوان الحاكم بأمر الله بعد أمين الدولة بن عمار الكتامي: سكن بمنظر اللؤلؤة في جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين وثلثمائة إلى أن قتل وفي السادس والعشرين من ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعمائة: أمر الحاكم بأمر الله بهدم اللؤلؤة ونهبها فهدمت ونهبت وبيع ما فيها. وقال المسبحي: وفي سادس عشري ربيع الآخر يعني سنة اثنتين وأربعمائة: أمر الحاكم بأمر الله بهدم الموضع المعروف: باللؤلؤة على الخليج موازاة المقس وأمر بنهب أنقاضه فنهبت كلها ثم قبض على من وجد عنده شيء من نهب أنقاض اللؤلؤة واعتقلوا. وقال ابن المأمون: لما وقع الاهتمام بسكن اللؤلؤة والمقام فيها مدة النيل على الحكم الأول يعني قبل وزارة أمير الجيوش بدر وابنه الأفضل أمر بإزالة ما لم تكن العادة جارية به من مضايقها بالبناء ولما بدت زيادة النيل وعول الخليفة الآمر بأحكام الله على السكن باللؤلؤة أمر الأجل الوزير المأمون: بأخذ جماعة الفراشين الموقوفين برسم خدمتها بالمبيت بها على سبيل الحراسةلا على سبيل السكن بها وعندما بلغ النيل: ستة عشر ذراعًا أمر بإخراج الخيم. وعندما قارب النيل الوفاء: تحول الخليفة في الليل من قصوره بجميع جهاته وإخوته وأعمامه والسيدات كرائمه وعماته إلى اللؤلؤة وتحول المأمون إلى دار الذهب وأسكن الشيخ أبا الحسن محمد بن أبي أسامة الغزالة على شاطئ الخليج وسكن حسام الملك: حاجب الباب داره على الخليج وأمر متولي المعونة أن يكشف الآدر المطلة على الخليج قبلي اللؤلؤة ولا يمكن أحدًا من السكن في شيء منها إلا من كان له ملك ومن كان ساكنًا بالأجرة ينقل ويقام بالأجرة لرب الملك ليسكن بها حواشي الخليفة مدة سنة وقرر من التوسعة في النفقات وما يكون برسم المستخدمين في المبيتات ما يختص برواتب القصور مدة المقام في اللؤلؤة في أيام النيل مياومة من الغنم والحيوان وجميع الأصناف وهي جملة كبيرة وأمر متولي الباب أن يندب في كل يوم خروف شواء وقنطار خبز وكذلك جميع الدروب من يحرسها ويطلق لهم برسم الغداء مثل ذلك وتكون نوبة دائرة بينهم وبقية مستخدمي الركاب ملازمون لأبواب القصر على رسمهم وفي يومي الركوب يجتمعون للخدمة إلا من هو في نوبته فيما رسم له وأمر متولي زمام المماليك الخاص أن يكونوا بأجمعهم حيث يكون الخليفة وفي الليل يبيت منهم عدة برسم الخدمة تحت اللؤلؤة ولهم في كل يوم مثل ما تقدم والرهجية تقسم قسمين أحدهما: على أبواب القصور والآخر: على أبواب اللؤلؤة وأصحاب الضوء مثل ذلك وقرر للجماعة المقدم ذكرها في الليل عن رسم المبيت وعن ثمن الوقود ما يخرج إليهم مختومًا بأسماء كل منهم ويعرضهم متولي الباب في كل ليلة بنفسه عند رواحه وعوده وكذلك ما يختص بدار الذهب من الحرس عليها من باب سعادة ومن باب الخوخة ولهم رسوم كما تقدم لغيرهم والمتفرجون يخرجون كل ليلة للنزهة عليهم ويقيمون إلى بعض الليل حتى ينصرفوا من غير خروج في شيء من ذلك عما يوجبه الشرع وفي يومي السلام يمضي الخليفة من قصوره بحيث لا يراه إلا أستاذوه وخواصه إلى قاعة الذهب من القصر الكبير الشرقي ويحضر الوزير على عادته إليه فيكون السلام بها على مستمر العادة والأسمطة بها في يومي الاثنين والخميس وتكون الركوبات من اللؤلؤة في يومي السبت والثلاثاء إلى المنتزهات. وقال في سنة سبع عشرة وخمسمائة ولما جرى النيل وبلغ خمسة عشر ذراعًا: أمر بإخراج الخيام والمضارب الديبقي والديباج وتحول الخليفة الآمر بأحكام الله إلى اللؤلؤة بحاشيته وأطلقت التوسعة في كل يوم لما يخص الخاص والجهات والأستاذين من جميع الأصناف وانضاف إليها ما يطلق كل ليلة عينًا وورقًا وأطعمة للبياتين بالنوبة برسم الحرس بالنهار والسهر في طوال الليل من باب القنطرة بما دار إلى مسجد الليمونة من التزين من صبيان الخاص والركاب والرهجية والسودان والحجاب كل طائفة بنقيبها والعرض من متولي الباب واقع بالعدة في طرفي كل ليلة ولا يمكن بعضهم بعضًا من المنام والرهجية تخدم على الدوام وتحول الوزير المأمون إلى دار الذهب وى 4 لقت التوسعة والحال في إطلاق الأسمطة لهم في الليل والنهار مستمر. وقال ابن عبد الظاهر: المنظرة المعروفة باللؤلؤة على بر الخليج بناها: الظاهر لإعزاز دين الله بن الحاكم يعني بعدما هدمها أبوه الحاكم وكانت معدة لنزعة الخلفاء وكان التوصيل إليها من القصر يعني القصر الغربي من باب مراد وأظنه فيما ذكر لي: علم الدين بن مماتي الوراق لأنه شاهد في كتب دار ابن كوخيا التيقة أنه بابها وكان عادة الخلفاء أن يقيموا بها أيام النيل ولما حصل التوهم من النزارية والحشيشية قبل تصرفهم لا سيما لصغر سن الخليفة وقلة حواشيه أمر بسد باب مراد المذكور الذي يتوصل منه إلى الكافوري وإلى اللؤلؤة وأسكن في بعضها فراشين لحفظها فإن كان في صبيحة كسر الخليج استؤذن الأفضل بن أمير الجيوش في فتح باب مراد الذي يتوصل منه إلى اللؤلؤة وغيرها فيفتح ويروح الخليفة ليتفرج هو وأهله من النساء ثم يعود ويسد الباب هذا إلى آخر أيام الأفضل فلما راجع الوزير المأمون في ذلك سارع إليه فأصلحت وأزيل ما كان أنشئ قبالتها على ما سيذكر في مكانه إن شاء الله تعالى. ومات بقصر اللؤلؤة من خلفاء الفاطميين: الآمر بأحكام الله والحافظ لدين الله والفائز وحملوا إلى القصر الكبير الشرقي من السراديب. ولما قدم نجم الدين أيوب بن شادي من الشام على ولده: صلاح الدين يوسف وخرج الخليفة العاضد لدين الله إلى لقائه بصحراء الهليلج بآخر الحسينية عند مسجد تبر أنزل بمنظرة اللؤلؤة فسكنها حتى مات في سنة سبع وستين وخمسمائة واتفق أن حضر يومًا عند الفقيه نجم الدين عمارة اليمني والرضى أبو سالم يحيى الأحدب بن أبي حصيبة الشاعر في قصر اللؤلؤة بعد موت الخليفة العاضد فأنشد ابن أبي حصيبة نجم الدين أيوب فقال: يا مالك الأرض لا أرضى له طرفًا منها وما كان منها لم يكن طرفا قد عجل الله هذي الدار تسكنها وقد أعد لك الجنات والغرفا تشرفت بك عمن كان يسكنها فالبس بها العز ولتلبس بك الشرفا كانوا بها صدقًا والدارة لؤلؤة وأنت لؤلؤة صارت بها صدفا فقال الفقيه عمارة يرد عليه: أثمت يا من هجا السادات والخلفا وقلت ما قلته في ثلبهم سخفا جعلتهم صدفًا حلوًا بلؤلؤة والعرف ما زال سكنى اللؤلؤ الصدفا وإنما هي دار حل جوهرهم فيها وشف فأسناها الذي وصفا فقال لؤلؤة عجبًا ببهجتها وكونها حوت الأشراف والشرفا والجوهر الفرد نور ليس يعرفه من البرية إلى كل من عرفا لولا تجسمهم فيه لكان على ضعف البصائر للأبصار مختطفا فالكلب يا كلب أسنى منك مكرمة لأن فيه حفاظًا دائمًا ووفا فلله در عمارة لقد قام بحق الوفاء ووفي بحسن الحفاظ كما هي عادته لا جرم أنه قتل في واجب من يهوي كما هي سنة المحبين فالله يرحمه ويتجاوز عنه. منظرة الغزالة: وكان بجوار منظرة اللؤلؤة منظرة تعرف: بالغزالة على شاطئ الخليج تقابل حمام ابن قرقة وقد خربت هذه المنظرة أيضًا وموضعها الآن تجاه باب جامع ابن المغربي الذي من ناحية الخليج وقد خربت أيضًا حمام ابن قرقة وصار موضعها فندقًا بجوار حمام السلطان التي هناك يعرف بفندق عماد وموضع منظرة الغزالة اليوم ربع يعرف بربع غزالة إلى جانب قنطرة الموسكي في الحد الشرقي وكان يسكن بهذه المنظرة الأمير أبو القاسم بن المستنصر والد الحافظ لدين الله ثم سكنها أبو الحسن بن أبي أسامة كاتب الدست وكان بعد ذلك ينزلها من يتولى الخدمة في الطراز أيام الخلفاء. قال ابن المأمون: لما ذكر تحول الخليفة الأمر بأحكام الله إلى اللؤلؤة: وأسكن الشيخ أبا الحسن بن أبي أسامة كاتب الدست الغزالة التي على شاطئ الخليج ولم يسكن أحد فيها قبله ممن يجري قال: وأما ما يذكره الطراز فالحكم فيه مثل الاستيمار والشائع فيها أنها كانت تشتمل في الأيام الأفضلية على أحد وثلاثين ألف دينار فمن ذلك السلف خاصة خمسة عشر ألف دينار قيمة الذهب العراقي والمصري ستة عشر ألف دينار ثم اشتملت في الأيام المأمونية على ثلاثة وأربعين ألف دينار وتضاعفت في الأيام الآمرية. وقال ابن الطوير: الخدمة في الطراز وينعت بالطراز الشريف ولا يتولاه إلا أعيان المستخدمين من أرباب العمائم والسيوف وله اختصاص بالخليفة دون كافة المستخدمين ومقامه بدمياط وتنيس وغيرهما وجارية أمير الجواري وبين يديه من المندوبين مائة رجل لتنفيذ الاستعمالات بالقرى وله عشاري دتماس مجرد معه وثلاثة مراكب من الدكاسات ولها رؤساء ونواتية لا يبرحون ونفقاتهم جارية من مال الديون فإذا وصل بالاستعمالات الخاصة التي منها المظلة وبدلتها والبدنة واللباس الخاص الجمعي وغيره هيئ بكرامة عظيمة وندب له دابة من مراكيب الخليفة لا تزال تحته حتى يعود إلى خدمته وينزل في الغزالة على شاطئ الخليج وكانت من المناظر السلطانية وجددها شعاع بن شاور ولو كان لصاحب الطراز في القاهرة عشرة دور لا يمكن من نزوله إلا بالغزالة وتجري عليه الضيافة كالغرباء الواردين على الدولة فيمتثل بين يدي الخليفة بعد حمل الأسفاط المشدودة على تلك الكساوي العظيمة ويعرض جميع ما معه وهو ينبه على شيء فشيء بيد فراشي الخاص في دار الخليفة مكان سكنه ولهذا حرمة عظيمة ولا سيما إذا وافق استعماله غرضهم. فإذا انقضى عرض ذلك بالمدرج الذي يحضر سلم لمستخدم الكسوات وخلع عليه بين يدي الخليفة باطنًا ولا يخلع على أحد كذلك سواه ثم ينكفئ إلى مكانه ولا يمكن أن يكون إلا ولدًا أو أخًا فإن الرتبة عظيمة والمطلق له من الجامكية في الشهر سبعون دينارًا ولهذا النائب: عشرون دينارًا لأنه يتولى عنه إذا وصل بنفسه ويقوم إذا غاب في الاستعمال مقامه ومن أدواته أنه إذا عبئ ذلك في الأسفاط: استدعى والي ذلك المكان ليشاهد عند ذلك ويكون الناس كلهم قيامًا لحلول نفس المظلة وما يليها من خاص الخليفة في مجلس دار الطراز وهو جالس في مرتبته والوالي واقف على رأسه خدمة لذلك وهذا من رسوم خدمته وميزتها. دار الذهب: وكان بجوار الغزالة: دار الذهب وموضعها الآن على يسرة الخارج من باب الخوخة فيما بينه وبين باب سعادة وكانت مطلة على الخليج في مكانها اليوم دار تعرف: ببهادر الأسعر وبقي منها عقد بجوار دار الأعسر يعرف الآن: بقبو الذهب من خطة بين السورين. قال ابن المأمون: لما ذكر تحول الخليفة الآمر بأحكام الله إلى اللؤلؤة: ثم أحضر الوزير المأمون وكيله أبا البركات محمد بن عثمان وأمره أن يمضي إلى داري الفلك والذهب اللتين على شاطئ الخليج فالدار الأولى التي من حيز باب الخوخة بناها فلك الملك وذكر أنه من الأستاذين الحاكمية ولم تكن تعرف إلا بدار الفلك ولما بنى الأفضل أن أمير الجيوش الدار الملاصقة لها التي من حيز باب سعادة وسماها دار الذهب غلب الاسم على الدارين ويصلح ما فسد منهما ويضيف إليهما دار الشابورة وذكر أن هذه الدار لم تسم بهذا الاسم إلا لأن جزءًا منها بيع في أيام الشدة في زمن المستنصر بشابورة. قال: وعندما قارب النيل أقاربه تحول الخليفة في الليل من قوصره بجميع جهاته وإخوته وأعمامه والسيدات كرائمه وعماته إلى اللؤلؤة وتحول الأجل المأمون بالأجلاء أولاده إلى دار الذهب وما أضيف إليها. وقال ابن عبد الظاهر: دار الذهب بناها: الأفضل بن أمير الجيوش وكانت عادة الأفضل أن يستريح بها إذا كان الخليفة باللؤلؤة يكون هو بدار الذهب وكذلك كان المأمون من بعده وكان حرس دار الذهب يسلم للوزيرية من باب سعادة يسلم لهم ومن باب الخوخة للمصامدة أرباب الشعور وصبيان الخاص وكان المقرر لهم في كل يوم سماطين أحدهما بقاعة الفلك للماليك الخاص والحاشية وأرباب الرسوم والآخر على باب الدار برسم المصامدة حتى أنه من اجتاز ورأى أنه يجلس معهم على السماط لا يمنع والضعفاء والصعاليك يقعدون بعدهم وفي أول منظرة السكرة: وكان من جملة مناظر الخلفاء منظرة تعرف بمنظرة السكرة في بر الخليج الغربي يجلس فيها الخليفة يوم فتح الخليج وكان لها بستان عظيم بناها العزيز بالله بن المعز وقد دثرت هذه المنظرة ويشبه أن يكون موضعها في المكان الذي يقال له اليوم: المريس قريبًا من قنطرة السد وكانت السكرة من جنات الدنيا المزخرفة وفيها عدة أماكن معدة لنزول الوزير وغيره من الأستاذين.
|